ذا قام الراوى فى التَّحَمُّل بما تقدم وقابل كتابه على ما سبق جاز له الرواية منه وإن لم يكن حافظًا له وحتى لو خرج من يده فى وقت من الأوقات وغاب عنه إذا كان الغالب سلامته من التغيير لا سيما إذا كان ممن لا يَخفى عليه فى الغالب التغيير لأن الاعتماد فى الرواية على غلبة الظن فإذا حصل لم يشترط مزيد عليه .
فروع
الفرع الأول الضرير إذا لم يحفظ ما سمعه فاستعان بالمأمونين فى ضبط سماعه وحفظ كتابه واحتاط عند القراءة عليه فى ذلك حسب حاله بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير صحت روايته والبصير الأمى كالضرير .
الفرع الثانى إذا وجد الحافظ فى كتابه خلاف ما يحفظه فإن كان إنما حفظه من كتابه رجع إلى كتابه وإن كان حفظه من فم الشيخ اعتمد حفظه إن لم يتشكك وحَسَنٌ أن يذكرهما معا فيقول حفظى كذا وفى كتابى كذا كما فعل شعبة وغيره وإذا خالفه بعض الحفاظ قال حفظى كذا وقال فيه فلان أو قال فيه غيرى كذا كما فعل سفيان الثورى وغيره .
الفرع الثالث إذا أراد رواية ما سمعه بمعناه دون لفظه فإن لم يكن عالما بالألفاظ ومقاصدها خبيرا بما يُحِيل معانيها وتتفاوت به لم يَجُزْ له أن يروى إلا اللفظ الذى سمعه بلا خلاف فإن كان عالما بذلك فقد ذهب جمهور السلف والخلف من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول إلى جواز الرواية له بالمعنى إذا قطع بأنه أدى المعنى وهذا هو الصحيح الذى تشهد به أحوال الصحابة ومَن بعدهم فى نقلهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة وغير ذلك وهذا فى غير المصنفات ولا يجوز لأحد أن يغير شيئا فى كتاب مُصَنَّفٍ وإن كان بمعناه لأن الرواية بالمعنى رُخِّص فيها للحرج فى التقيد باللفظ وهذا منتف فى المصنف